في عالم مليء بالألغاز والأسرار، حيث تتمازج الأساطير مع الواقع، وُجد قصر قديم يشتهر بين أهالي القرية بكونه مسكونًا. الأطفال والكبار يتجنبون الاقتراب منه، حتى أن الطيور تغير مسار طيرانها لتجنب الحلق فوقه. لكن بالنسبة لفايكنغ شجاع يُدعى إريك، لم تكن هذه القصص سوى دعوة لاكتشاف الأسرار التي يخبئها ذلك القصر.
في أحد الأيام، قرر إريك الذهاب إلى القصر المهجور. مشى عبر الغابة الكثيفة التي تحيط به، شاعرًا بأن الأشجار تهمس بقصص عن مغامرات سابقة. وصل إلى البوابة الكبيرة المصنوعة من الحديد المزخرف، التي كانت مفتوحة قليلًا كما لو كانت تدعو الشجعان للدخول.
بمجرد أن وطأت قدماه أرض القصر، شعر بنسيم بارد يتسلل إلى معطفه الثقيل. الفايكنغ لم يكن خائفًا، بل كان متحمسًا لما قد يكتشفه. بينما كان يتجول في القاعات الفسيحة ويتأمل اللوحات القديمة على الجدران، سمع صوتًا غريبًا يأتي من نهاية الممر.
– مرحبًا؟ هل هناك أحد؟ – صاح إريك، لكن الصدى فقط هو من أجاب.
واصل السير نحو مصدر الصوت حتى وصل إلى غرفة صغيرة كان بابها مواربًا. دفع الباب ليفتحه، وما أن فعل ذلك حتى تفاجأ برؤية وطواط يعلق رأسًا على عقب.
– أوه، زائر! لم نر زوارًا هنا منذ عقود! – قال الوطواط بصوت ناعم.
تفاجأ إريك، لكنه لم يشعر بالخوف. كان قد قرأ عن وطواط يستطيع التحدث في قصص الفايكنغ، لكنه لم يتوقع أن يلتقي بواحد.
– اسمي نوري، ماذا يجرك إلى هذا القصر المظلم؟ – سأل الوطواط بفضول.
شعر إريك براحة بالتحدث إلى نوري. فشرح له عن حبه للمغامرات واهتمامه بكشف أسرار هذا القصر.
– أه، قصر الألغاز!- أنا هنا من أجل تحدي الألغاز واكتشاف الحقيقة وراء هذا القصر. هل يمكنك مساعدتي، يا نوري؟ – سأل إريك بشغف.
نظر الوطواط الصغير إلى الفايكنغ بعيون متلألئة، ثم أظهر تاجًا مشرقًا معلقًا في زاوية الغرفة. كان التاج مرصعًا بالأحجار الكريمة، وبدا وكأنه ينتظر صاحبه بفارغ الصبر.
– هذا التاج هو مفتاح الأسرار، يا إريك. إذا تمكنت من حل لغزه، ستكون الأسرار كلها لك. – أوضح نوري.
تحمس إريك للمهمة الجديدة وأخذ التاج بحذر. بدأ في دراسة الرموز المحفورة عليه، وفي ذلك الحين بدأت الجدران تهتز وتنبعث أضواء متلألئة من كل نواحي الغرفة.
– إنها تبدأ! – صاح إريك.
بدأ الإثنان بحل الألغاز واستكشاف السراديب الخفية في القصر. وجدوا أروقة مظلمة تحتوي على كنوز قديمة وتواجهوا مخلوقات غريبة تحلق في الهواء. لكن بفضل تعاونهم وشجاعتهم، تمكنوا من تخطي كل تحدي.
وبعد مضي وقت طويل من المغامرة، وصلوا أخيرًا إلى غرفة الكنز النهائية. وقفوا أمام باب شفاف يضيء بالألوان الزاهية. بينما كانوا يدقون على الباب، انفتح ببطء ليكشف عن كنز لامع يتوهج بأشعة الشمس المباغتة.
– إنه الكنز الأسطوري الذي ابتسم طويلاً على وجه كل المستكشفين. – قال نوري بدهشة.
وفي هذه اللحظة الساحرة، انطلقت شعلة من السماء لتلتقط التاج من يد إريك وتوضع على رأسه، وكأنه يكرم بالتاج على شجاعته. ثم أخذ الضوء يتلاشى تدريجيًا، واختفت القاعة الفسيحة معه.
– شكرًا لك، يا إريك. لقد أبدعت في تحدي الألغاز وإظهار شجاعتك. الكنز والتاج لك الآن. – تمنى نوري وهو يختفي في هالة ضوء.
وعاد إريك إلى القرية وهو يحمل التاج بين يديه، وكانت السماء تميل إلى الغروب، لكن قلبه مليء بالفخر والسعادة. ومنذ ذلك اليوم، أصبح إريك الفايكنغ الشجاع أسطورة حقيقية تروي للأجيال القادمة قصته الرائعة في قصر الألغاز.